الـتـأجـيـل الـمـنـظّـم إدارة الأزمـة بـدل حـلّـهـا! مـيـرا جـزيـنـي - لـيـبـانـون فـايـلـز ليس النقاش في حصرية السلاح
الـتـأجـيـل الـمـنـظّـم: إدارة الأزمـة بـدل حـلّـهـا!
مـيـرا جـزيـنـي - لـيـبـانـون فـايـلـز
ليس النقاش في حصرية السلاح بيد الدولة سوى انعكاس لأزمة أعمق يعيشها لبنان منذ عقود.
فالمسألة لا تختصر فقط في تباين بين فريق يطالب بفرض سلطة الدولة وفريق آخر يشترط ضمانات أمنية وسياسية قبل أي خطوة...
بل تكمن في تضارب استراتيجيات كبرى تتحكّم بمصير الكيان اللبناني.
لا ينظر حزب الله إلى سلاحه كقضية داخلية فحسب، بل كجزء من معادلة إقليمية أشمل مرتبطة بإيران وبالصراع مع إسرائيل.
تاليا، يصبح أي نقاش حول مستقبل هذا السلاح بمعزل عن هذه الامتدادات أقرب إلى مقاربة نظرية غير قابلة للتطبيق.
في المقابل، يرى خصوم الحزب أنّ استمرار هذا الوضع يكرّس ازدواجية القرار الأمني والعسكري...
مما يجعل الدولة رهينة التوازنات الإقليمية بدل أن تكون صاحبة سيادة مستقلة.
في قلب هذا الاشتباك، يبرز القرار 1701 الذي أوقف حرب تموز 2006 وأرسى قواعد هدنة هشّة، وما تلاه من اتفاق لوقف إطلاق النار في تشرين الثاني ٢٠٢٣.
لكن القرار الدولي يتضمن ثغرة:
١- فهو يطالب بوقف الأعمال العسكرية من الجانبين من دون أن يحسم مسألة الانسحاب الإسرائيلي من الأراضي المتنازع عليها.
هنا، يجد حزب الله شرعية إضافية للاحتفاظ بسلاحه، بينما ترى الدولة والمجتمع الدولي أنّ تطبيق القرار كاملاً يفرض أن تكون الكلمة الفصل للقوى الشرعية اللبنانية.
٢- كما أن اتفاق وقف إطلاق النار لم يتضمّن الصيغة التنفيذية المحدّدة زمنيا لتطبيق سحب السلاح جنوب الليطاني وشماله.
وانطوى على عبارات فضفاضة جعلت حزب الله يوظفها تدريجيا من أجل التملّص من التطبيق.
فيما استغلته إسرائيل لتبقي حرب الاستنزاف ضد الحزب قائمة من دون رادع.
ما يزيد المعضلة تعقيداً أنّ النقاش لا يجري في فراغ. فلبنان يعيش انهياراً اقتصادياً غير مسبوق، واهتزازاً في بنيته السياسية، وانكشافاً كاملاً على الضغوط الخارجية.
وقد تؤدي أي محاولة لفرض حلّ جذري في ملف السلاح من دون توافق داخلي عريض إلى صدام أهلي أو فوضى أمنية، يجري التلويح بها إبتزازاً أو تخويفاً.
ولهذا السبب، تميل القوى السياسية غالباً إلى اعتماد سياسة التأجيل المنظّم، أي إدارة الأزمة بدل حلّها.
لكن الاستمرار في هذه الحلقة يحمل كلفة عالية. فغياب القدرة على انتظام السلاح تحت راية الدولة وحدها...
يضعف موقع لبنان التفاوضي أمام الخارج، ويجعله ساحة مستباحة أكثر من كونه دولة صاحبة قرار.
كما أنّ المراوحة تترك الدولة في موقع ملتبس، بين كونها محتكرا مفترَضا للسلاح، وبين كونها عاجزة عن احتكار القوة الفعلية.
تأسيساً على ذلك، يتجاوز ملف السلاح تفاصيل البيان الوزاري أو مواعيد الجلسات الحكومية.
إنه جوهر الأزمة اللبنانية: صراع بين مشروع دولة تسعى لسيادة كاملة، ومشروع مقاومة يرى أنّ الأولوية تبقى للمواجهة مع إسرائيل وللتوازنات الإقليمية.
ما لم يُحسم هذا التناقض عبر عقد سياسي جديد، ستبقى كل صيغة مطروحة مجرد هدنة موقتة...
تعيش بقدر ما تسمح به موازين القوى، قبل أن تعود الأزمة بوجه جديد لكن بتداعيات متشابهة.
ان ما ينشر من اخبار ومقالات لا تعبر عن راي الموقع انما عن رأي كاتبها